أخبارالاقتصاد الزراعي
اتجاه لزراعة سلجم الزيت بالجزائر
خطت وزارة الفلاحة بالجزائر خطوتها الأولى نحو استزراع سلجم الزيت وتوطينه؛ تلبيةً لاحتياجات المواسم القادمة من النبات المنتج للزيوت، والتخلي عن استيرادها من دول أوروبية، خاصةً فرنسا.
وخصصت الوزارة مساحةً تفوق 3 آلاف هكتار لزراعة سلجم الزيت بالموسم الحالي (2020 -2021)، تُستبقى غلة نحو ألف منها لإعادة زراعة بذورها، وفق منسق العمليات بغرف الفلاحة في الجزائر، عبد الرحمن سعيدي.
ويُعد هذا هو الموسم الأول الذي تُدخل فيه الجزائر زراعة السلجم الزيتي إلى أراضيها، بعد تجربة زراعته في أكثر من 4 ولايات بشرق الجزائر، والتي تمت تحت إشراف فريق من مهندسين زراعيين جزائريين.
يقول سعيدي: ”اعتمدوا على تقنيات لدراسة التربة من حيث الحموضة والملوحة والمواد العضوية التي يتطلبها السلجم“.
توصل الفريق إلى تحديد بعض الولايات الداخلية، مثل قالمة وقسنطينة وسطيف وخنشلة، بحسبانها مناطق تصلح فيها الزراعة، مع استصلاح المساحات المخصصة في ذلك.
يشرح سعيدي: ”يتمثل الاستصلاح في إثراء التربة بالمواد العضوية، حيوانية كانت أو كيماوية، بالكمية التي يتطلبها السلجم، مع دمجها بالآزوت، والقضاء كليًّا على الأعشاب المنتشرة في هذه المناطق، والتي تُعد العدو الأول لنبتة السلجم الزيتي“.
وبالنظر إلى الإقبال المتزايد للفلاحين على مثل هذه الزراعات، ”تُشرف مديريات الفلاحة عبر مختلِف الولايات إلى تكوين مهندسين وإطارات فلاحية من خلال دورات خاصة بزراعة السلجم الزيتي“، وفق إفادة سعيدي.
ولتوفير كل الظروف لإنجاح الموسم، ”تم تجنيد تعاونيات الحبوب والبقول الجافة عبر الولايات المنتجة لتوفير كل المدخلات اللازمة للمستثمرين الفلاحيين“.
وبتوجيهات من وزير الفلاحة، ”خصصت المزرعة النموذجية ’بولشفار‘ بولاية قسنطينة في شرق الجزائر لتكون حقلًا استبيانيًّا وإرشاديًّا للفلاحين“.
هذا الاهتمام، كان الدافع إليه أزمة ’زيت مائدة‘ اندلعت مؤخرًا بالبلاد، وارتفاع أسعاره محليًّا وإقليميًّا، لذا فإن المحلل الاقتصادي الجزائري عبد النور جحنين يراها سببًا للاتجاه إلى زراعة السلجم؛ لتحقيق الاكتفاء مستقبلًا من مُدخلات صناعة الزيوت الغذائية.
ومن شأن خطوة الجزائر هذه -كما يقول جحنين– ”تقليص واردات المواد الزيتية، وكذا أعلاف الحيوانات، وغير مستبعد أن تصل في مخططها بمطلع 2024 إلى الاكتفاء في هذا الشأن“.
ويُردف: ”ولا نغفل فرص التوظيف التي تقلِّص من نسب البطالة، بزيادة العمالة في حقول وبساتين الزراعة، وكذا معامل ومؤسسات العصر المرتقب فتحها مع التوسع في زراعة السلجم الزيتي“.
عن نجاح التجربة، يشدد جحنين: ”لا يمكن تقييمها إلا بعد مرور 4 سنوات من بداية الإنتاج، أما عن زراعة النبتة فيمكن القول بأنها ناجحة وفي أكثر من ولاية“.
الحديث عن النجاح يجرنا إلى تجربة الخبير الفلاحي والمستثمر علي عاشوري، من منطقة عين آزال جنوب ولاية سطيف، شرق الجزائر العاصمة.
لم يكن عاشوري يتوقع أن تكلَّل أول تجربة له في زراعة السلجم الزيتي بالنجاح الباهر، ما سيفتح أبواب هذه الزراعة في الجزائر مستقبلًا وعلى نطاق واسع.
بدأ عاشوري زراعة السلجم الزيتي متأخرًا، في منتصف يناير الماضي، إلا أن المردود المنتظر كبيرٌ للغاية؛ إذ ستصل غلته إلى أكثر من 20 قنطارًا للهكتار الواحد، ولو زُرع في أوانه لكانت أكبر.
الوقت المثالي لزراعة السلجم الزيتي -وفق عاشوري- هو ”أواخر شهر أكتوبر وبداية نوفمبر من كل سنة، نظرًا لزيادة تساقط الأمطار في المناطق الداخلية للجزائر حينذاك“.
يحمد عاشوري الله؛ فالبشائر إيجابية جدًّا، ويتوقع بداية موسم الحصاد في يونيه القادم.
يُعدد عاشوري عوائد زراعة السلجم الزيتي: ”توفر الزيوت النباتية ذات الجودة العالية، وتُسهم في توفير الأعلاف الغنية للمواشي، وأزهارها مغذية مفيدة للنحل، ما سينعش من النشاط الفلاحي“.
نجاح تجربة زراعة السلجم الزيتي في الجزائر سيكون له تأثير حتى على المستوى الإقليمي، من المتوقع كما قال جحنين ”أن نرى هذا النوع من الزراعات بكلٍّ من تونس والمغرب؛ فالمناخ ونوعية التربة واحدة“.
يضيف: ويمكن حتى لمناطق غرب ليبيا -التي تقع في مستوى ولايتي بسكرة ووادي سويف الجزائريتين- ”أن تستفيد من تجربة الجزائر في تحول بوابات الصحراء إلى مساحات تصلح لزراعة السلجم الزيتي“.
المصدر: موقع SciDev.Net