أخبارالموارد الطبيعية

بحر من الماء تحت الكويت والسعودية.. رحالة بريطاني: منخفضات حفر الباطن كانت نهراً عظيماً قبل حلول الجفاف

تعد محافظة حفر الباطن التابعة للمنطقة الشرقية والتي تقع في الشمال الشرقي من المملكة العربية السعودية على خط طول 26 – 28 شمالا من أقدم المحافظات تاريخيا وتقع حفر الباطن على عدة طرق دولية وداخلية في شبكة النقل الدولية للقادمين للمملكة والمسافرين منها إلى البلدان العربية المجاورة كالكويت والعراق والأردن والدول المحيطة بها كسوريا وتركيا وغيرها من الدول الأخرى مما جعلها من المدن سريعة النمو وأكسبها أهمية كبيرة كمركز تجاري حيث تكثر بها المواقع والمعالم الأثرية.

  • أرض الحفر التي كانت موطنا وممرا لفترة من الزمن لقبائل عربية قديمة هاجرت من جنوب جزيرة العرب واستقرت على أرضه وواصلت توجهها إلى بلاد الرافدين، وكانت تخترقها طرق تجارية قديمة تربط بين الممالك القديمة في الشمال والجنوب والشرق والغرب وقد عمر بعضها في صدر الإسلام كطريق حج البصرة – مكة المكرمة وقد جاب أرض الحفر عدد من الرحالة الغربيين كالوريمر وباركلي وشكسبير وجون فيلبي والذين كتبوا عن الحفر في كتاباتهم عن الجزيرة العربية.

الملامح التاريخية لمحافظة

حفر الباطن

حفر الباطن كانت ضمن مواقع الاستيطان البشري في العصور الحجرية القديمة حيث ان هناك تكهنات وتخمينات لم يبق منها الا حجارة متناثرة عبر أجزاء واسعة من المحافظة على شكل اعلام ودوائر ومذيلات ومنشآت حجرية دائرية ومربعة اختلف البلدانيون القدامى والمحدثون وعلماء الآثار في معرفة أسرارها حيث أوردوا عدة احتمالات منها انها مساكن موغلة في القدم أو مقرات مراقبة وحصون أو حبائل للصيد أو دلالات واتجاهات لموارد المياه أو علامات حدودية أو لمعرفة الاتجاهات الأصلية أو رموز دينية وفي حفر الباطن عدد من الآبار القديمة التي ذكر عدد من البلدانيين القدامى أنها تعود لزمن عاد عليه السلام فتلك الآبار المنيعة ذات الصخور الصماء الطويلة القعر كبئر سامودة والتي تصل إلى ستين باعا اي مئة وعشرين مترا وبئر المصندق التي يصل عمقها خمسة وتسعين باعا أي مئة وتسعين متراً.

بعيدا عن تلك الآبار التي نعرف انها حفرت في صدر الاسلام كآبار ابي موسى الأشعري وآبار عبدالله بن عامر ولكن ماذا عن آبار ماوية وسامودة وطلحة وسراب ووسيطا والشلالة وعريفج والأرطاوي وغيرها مما تم تسطيره في مصادر قديمة عاش مؤلفوها في صدر الإسلام واشاروا الى أشعار قيلت في الجاهلية توحي بقدم تلك الآبار وقد ورد في لسان العرب قول الامام الأزهري «طويلع وركية عادية بناحية الشواجن عذبة الماء قريبة الرشاء» وبئر عادية اي تعود الى زمن عاد، وقال محد بن ابي عبيدة المهبلي البئر التي بالماوية وهي بئر عادية لا يقل ماؤها ولووردها جميع أهل الأرض.

ساكنو الحفر على مر العصور

كانت محافظة الحفر في العصر الجاهلي موطنا لقبيلة اياد التي كانت مسيطرة على معظم شمال شرق الجزيرة العربية وبالأخص حفر الباطن الى أن انتقلت منها إلى بلاد العراق وفارس.

وفي العهد الجاهلي وقبل الاسلام بقليل حلت قبيلة بكر بن وائل محل قبيلة اياد في حفر الباطن وما حولها وعند ظهور الاسلام وما بعده بثلاثة قرون تقريبا كانت قبيلة تميم هي المنتشرة بفروعها في كافة أرجاء شرق وشمال الجزيرة العربية ومنها حفر الباطن والتي كانت مسرحا لتحركات بني هلال ونشاط القرامطة في القرنين الرابع والخامس الهجري.

الملامح الجغرافية لحفر الباطن

فلج (وادي الباطن)

فلج وهو ما يسمى الآن وادي الباطن وهو الجزء الثالث من وادي الرمة ذلك الوادي العظيم الذي كان نهراً جارياً في العصور المطيرة وبعد أن تدهورت الظروف المناخية وبدأ عصر الجفاف ردمت الرمال مجراه في موضعين هما (نفود الثويرات) إلى الشرق من بلدة البندرية في محافظة الاسياح، ليبدأ وادي الاجردي الذي يعتبر امتداداً لوادي الرمة، ليتم حجزه في موضع آخر هو الدهنا، ليظهر في الثمامي من أعلى أم عُشر باسم الباطن ليسير في مجرى واسع مرتفع الجانبين باتجاه منتظم فلم ينحرف عنه وهو الشمال الشرقي إلى أن ينتهي في أهوار الزبير بالعراق، وقد كان يتصل في تلك العصور المطيرة بشط العرب وتفيض فيه العديد من الاودية اعلاها وادي العسومي والذي يبدأ من شرق سامودة لينتهي في بلدة أم عُشر وواديي الفيوان وهما واديان شمالي وجنوبي ثم واديا فليج وهما أيضاً بنفس اتجاه الفيوان شمالي وجنوبي فالشمالي يبدأ من جو الدليمية شرق الوقبا موازيا للفاو الشمالي وينتهي أسفل مدينة حفر الباطن، والجنوبي يبدأ من شمال غرب اللصافة ليوازي الفاو الجنوبي وينتهي حيث انتهى نظيره الشمالي.

حزن بني يربوع (الحجرة)

وهذا الموضع يمتد من حجرة الخنبش جنوب شرق سامودة باتجاه الشمال شاملاً حجر البشوك ثم الحدقة وماوالاها وإلى الشرق منها أم رضمة إلى انصاب والجنوبي منه يطلق عليه أود والشمالي يسمى مليحة، وخط الاسفلت المتجه من أم عشر ثم سامودة باتجاه الشمال إلى لينة فاصلا بين الحجرة شرقاً والدهناء غرباً، وفي حرة بني يربوع (الحجرة) حالياً عدة اودية أهمها وادي كريب وهو واد كريم جنوب شعبة نصاب، ووادي ذو طلوح وأنصاب والغبيط والفردوس والاياد واللوى (خبة عرفان).

الصَّمان

الصَّمان بتشديد الصاد والميم وهي هضبة صخرية شبه مستوية مستطيلة الشكل يبلغ متوسط ارتفاعها في جهتها الغربية 400 متر عن سطح البحر تتخللها أودية واجواء وخباري ودحول وتتداخل هضبة الصمان من جهة الغرب بالحجرة في حتيفة خنيفسان وحتيفية خباري عون الواقعتين غرب طريق الحفر – الرياض وشرق وادي الباطن ومن جهة الشمال والشمال الشرقي بالدبدبة وتنتهي من جهة الجنوب بالدهناء والصمان ارض فيها غلظ وارتفاع وقيعان واسعة وبالصمان مياه قديمة منها اللهابة ولصاف والقرعاء وطويلع وثبرة

الدبدَّبة

وهي أرض مستوية يحدها الشق شرقاً والوريعة وشعيب المحزم وأم قليب جنوباً والقسوميات وشعيب نخيرير والقلت والوقبا غرباً، وتشمل ما يسمى القرعة والمسناة شرق وادي الباطن ودبدبة المطهور ودبدبة الفاو الشمالي ودبدبة فليح الشمالي غرب وادي الباطن، ويذكر الجغرافيون أن الدبدبة قد تكونت كدلتا لنهر عظيم في العصور المطيرة وهو ما يسمى الآن وادي الرمة – الباطن.

حفر الباطن في عيون الغرب

جاب الحفر عدد من الرحالة الغربيين في القرن الماضي وكان لحفر الباطن نصيب من مرور اولئك: فيلبي وشكسبير وباركلي ومارشيللو موكي، ولوريمر.

باركلي رونكيير

رحالة دنماركي ولد عام 1890م ألف كتاباً اشار فيه لاول موضع في المحافظة عند مروره على القرعة ثم الدبدبة ذاكراً انه شاهد منطقة منخفضة واسعة يشقها واد يتجه شرقاً يدعى (السوبان) وبعده ذكر بأن الطريق صار وعراً مع ارتفاع متدرج خفيف نحو الغرب وبعض الاودية الجافة نحو الشرق ولدى وصوله إلى بئر اللصافة يقول وصلنا إلى منطقة صخرية مرتفعة لايدل مظهرها على وجود أي ماء فيها حيث انها جافة وقاحلة وفجأة وجدنا أمامنا وادياً على شكل ابريق ضخم محاطاً بصخور قائمة ذات لون أبيض يميل إلى الاصفرار حتى قاع الوادي كان صخرياً رملياً قاحلاً ماعدا منطقة في وسطه نبت فيها عشب أخضر كثيف يشكل تناقضاً مع المنطقة حوله وفي منتصف الطرف الداخلي للخضرة كانت هناك بقعة سوداء تحوطها دائرة رمادية انها بئر اللصافة.

جون فيلبي

بريطاني الجنسية اعلن اسلامه وتسمى باسم عبدالله فيلبي الف كتابا عن الجزيرة العربية اسماه (قلب الجزيرة العربية) تحدث فيه عن حفر الباطن قائلاً: هي مساحة عريضة تتسع مرتفعاتها تدريجياً وتقاطعها شبكة من المنخفضات التي كانت في عهد مضى تجري عبرها مياه أمطار الباطن لتصل إلى الفرات أو إلى البحر إذ ان نهراً عظيماً كان يجري في الازمان السحيقة قبل حلول الجفاف الذي تسبب في خلق الصحاري في الاجزاء الشمالية من الجزيرة العربية.

شكسبير

بريطاني الجنسية ذكر بأن الحفر كانت مقراً للقوافل مستدلا بوجود بعض الأبنية التي تبدو وكأنها مقرات لبريد عسكري، وتظهر بقايا السقوف فيه متهدمة من الواضح انها بنيت من قوالب كبيرة من الحجر الجيري وغطيت بملاط طيني وكذلك الآبار التي من المحتمل انها من عمل الخلفاء.

باتريك ديكسون

بريطاني الجنسية تطرق في كتابه عن الجزيرة بشكل موجز إلى وصفة لاجزاء من مواضع في حفر الباطن وهي الرقعي وحفر الباطن واللصافة، وقال في الرقعي انها مجموعة من الآبار على الضفة الشرقية للباطن إلى الجنوب الغربي من الكويت والآبار أعلى نسبياً فوق المعتاد لمنخفض الباطن، وذكر عن حفر الباطن انها تقع على بعد 160 ميلا جنوب غرب الكويت ويبلغ عدد الآبار فيها حوالي الاربعين ولكن لم يبق منها ما يحوي الماء إلا احدى عشرة فقط ووصف الصمان بانها ارض تنتشر فيها اكوام الصخور وتلال الحجر الرملي مسطحة القمة تتخللها وديان ضحلة متعرجة تزخر بالزهور البرية والحشائش والأعشاب في فصل الربيع

إغلاق