أخبار
تحسين المحاصيل الغذائية يمكن أن يساعد في تغذية الأرض وسكانها
تتمتع المحاصيل الغذائية، وخاصة البقوليات مثل الفاصوليا والعدس، بالقدرة على تعزيز صحة التربة وتقليل الاعتماد على الأسمدة الاصطناعية عن طريق تحويل النيتروجين الجوي إلى مغذيات قابلة للاستخدام.
ويهدف البحث العلمي المستمر إلى تحسين هذه العملية، وتقديم حل مستدام لمواجهة الجوع والتحديات البيئية مع الحفاظ على كوكبنا.
غالبًا ما يُنظر إلى المحاصيل الغذائية على أنها وقود للجسم، ولكنها توفر العناصر الغذائية الحيوية لأكثر من مجرد البشر والحيوانات.
كما أن بعضها، مثل البقوليات، مثل الفول والبازلاء والعدس، يثري التربة بالنيتروجين، وهو أحد العناصر الأساسية لجميع الكائنات الحية، في علاقة دائرية تفيد النبات والتربة على السواء.
كما يمكن أن تؤدي زراعة البقوليات مع أنواع أخرى من المحاصيل إلى تحسين قدرة التربة على تخزين الكربون، مما يساعد على تقليل الانبعاثات.
يقول الدكتور دوجالد ريد قائد مشروع ضمن مشروع البحث العالمي، إن الفهم العلمي حول كيفية تحسين مساهمات النيتروجين في البقوليات في التربة يتزايد، مما يوفر فرصًا لتحسين زراعة البقوليات في نفس الوقت، واستعادة الأراضي المتدهورة، وتقليل الاعتماد على الأسمدة النيتروجينية.
وأوضح، أن القيام بذلك من شأنه أن يزيد بشكل مستدام من قدرة الزراعة على تغذية البشر والكوكب.
تعود قدرة محاصيل البقوليات على تحسين صحة التربة وكذلك النظام الغذائي إلى قدرتها على التفاعل مع بكتيريا التربة، التي تحول النيتروجين من الغلاف الجوي إلى شكل يمكن استخدامه بواسطة النباتات.
في حين يتم استخدام بعض هذا النيتروجين لدعم نمو نبات البقوليات وينتهي في البذور، يتم ترك الباقي في الحقل كنيتروجين متبقي لإفادة المحاصيل الأخرى.
تحتوي بقايا البقوليات على مستويات نيتروجين أعلى من الحبوب، مما يزيد من الكمية المخزنة في التربة، على سبيل المثال، يمكن للفاصولياء أن تحول ما يصل إلى 300 كجم من النيتروجين لكل هكتار، ويمكن أن تترك أكثر من 100 كجم من النيتروجين في مخلفات المحاصيل بعد الحصاد.
وهذا يوفر مصدراً بيولوجياً للعناصر الغذائية القيمة للمحصول التالي ــ بغض النظر عن المحصول ــ وبالتالي يقلل الحاجة إلى الأسمدة النيتروجينية الاصطناعية.
طرق لتعظيم قدرة النباتات البقولية على“تثبيت” النيتروجين
وذكر الدكتور دوجالد ريد، إنه وكثير من العلماء، بما في ذلك أولئك الذين يعملون في مشروع تمكين تكافل المغذيات في الزراعة ( ENSA )، يبحثون عن طرق لتعظيم قدرة النباتات البقولية على “تثبيت” النيتروجين، بما في ذلك في البيئات التي تقلل بشكل عام من عملية تثبيت النيتروجين، ويضيف أنهم يفعلون ذلك من خلال دراسة كيف تحد البقوليات بشكل طبيعي من تثبيت النيتروجين، وكذلك كيفية مساهمة العوامل البيئية في هذه العملية.
وأوضح ريد، أنه من خلال المزيد من الأبحاث، يهدفون إلى تطوير البقوليات التي تعمل باستمرار على تثبيت المستويات العالية من النيتروجين، مما يؤدي إلى تحسين مستويات النيتروجين في التربة وإنتاجية جميع المحاصيل، خاصة في ظروف النمو القاسية.
وقد يؤدي التثبيت الأكثر كفاءة للنيتروجين أيضًا إلى زيادة نمو النبات بسبب زيادة توافر العناصر الغذائية، مما قد يوفر محاصيل ذات إنتاجية أعلى للناس.
وهذا من شأنه أن يسمح للمزارعين بإنتاج المزيد من الغذاء على نفس المساحة من الأرض، حتى في ظل الظروف المعاكسة، ويقلل الحاجة إلى تحويل الأراضي البكر إلى الزراعة.
آلية داخل الحبوب للتحكم في تثبيت النيتروجين
وبالتوازي، يدرس العلماء طرقًا مختلفة لتمكين المحاصيل غير البقولية، مثل الحبوب والدرنات، من التفاعل أيضًا مع ميكروبات التربة لتعظيم امتصاص العناصر الغذائية.
ويشمل ذلك الجهود المبذولة لإنشاء آلية داخل الحبوب للتحكم في تثبيت النيتروجين على سطح الجذر، بالإضافة إلى إنشاء وظيفة مماثلة لتلك التي تستخدمها البقوليات لتحويل النيتروجين.
هل الحل الحيوي قد يكمن في بيولوجيةمحاصيلنا الغذائية
جميع النباتات تقريبًا لديها القدرة على التفاعل مع فطريات التربة، والتي تسمى الجذور الجذرية الشجرية، للحصول على العناصر الغذائية والمياه.
تستكشف فرق البحث ما إذا كان من الممكن استخدام القواسم المشتركة بين هذه الآلية وتثبيت النيتروجين في البقوليات كأساس لهندسة نقل تثبيت النيتروجين إلى مجموعة واسعة من المحاصيل لتوسيع الفوائد على النظم البيئية والمجتمعات.
وبينما يتصارع العالم مع أزمات الجوع المتزايدة والتحديات البيئية، فإننا في المراحل الأولى من استكشاف ما إذا كان الحل الحيوي قد يكمن في بيولوجية محاصيلنا الغذائية.
وإذا استمر التقدم العلمي في علوم المحاصيل والتكنولوجيا الحيوية النباتية في السنوات والعقود المقبلة، فقد نتمكن في نهاية المطاف من تعزيز هذا التقدم عند المصدر، وهو ما من شأنه أن يحل ذات يوم المعضلة القديمة المتمثلة في كيفية إطعام العالم من دون تدمير الكوكب.